تاريخنا المزوّر (الجزء الرابع)




تاريخنا المزوّر

(الجزء الرابع)

ابو الهول يكشف كذب ادعائاتهم

بسم الله الرحمن الرحيم

في عام 1993، بثّت قناة NBC في الولايات المتحدة فيلم وثائقي بعنوان أسرار أبو الهول The Mysteries of the Sphinx، والذي قدّم دلائل جيولوجية واضحة تثبت حقيقة أن عمر أبو الهول يزيد عن ما يدعيه العلم المنهجي بمرتين (أي لا يقل عن 9000 سنة). وقد عُرفت هذه القضية بـ"مناظرة التعرية المائية". وكشفت هذه المسألة عن السياسة التي يتبعها علماء الآثار المنهجيين لمواجهة أي مسائلة أو إعادة نظر في مسلماتهم العلمية.

كان باحث الآثار المستقلّ جون أنتوني ويست John Anthony West وهو ذاتي التعليم أوّل من استدعى انتباه الجيولوجي الدكتور "روبرت سكوتش Robert Schoch إلى حقيقة "التعرية المائية. سافرا إلى مصر وأجريا أبحاث مكثّفة على الموقع. بعد إخضاع أبو الهول للدراسة والفحص الجيولوجي الدقيق، أصبح الدكتور "سكوتش" متيقناً تماماً من هذه الحقيقة، وبناءً على هذا أعلنا عن اكتشافهما.

أما الدكتور "زاهي حواس"، المسؤول عن تلك الصروح في الجيزة، فلم يضيّع أي وقت في إطلاق وابل من القذائف الانتقادية على الخبيرين. أما العالِم المشهور مارك لهنر Mark Lehnerوالذي يُعتبر أكثر العلماء خبرة في أبو الهول، فاشترك في هذا الهجوم المضاد على الخبيرين المسكينين، حيث نعتهما بأنهما "جاهلين" و"عديمي الإحساس". وهذه الاتهامات نقلت المسألة من المستوى المهني إلى المستوى الشخصي. الردود الشرسة على إعلان "ويست" و"سكوتش" لم تتناول الحقائق الأثرية المُكتشفة حديثاً، بل تناولت فقط الجانب الشخصي للمكتشفين، ويُعتبر هذا سلوك غير علمي ويخلو من المهنية المستقيمة.وجب أن نلاحظ التكتيك النموذجي الذي يتبعونه بهدف الحطّ من قيمة ومصداقية كل شخص يتجرّأ على مسائلة النظريات العلمية السائدة. إن حرف الانتباه عن المسألة الأساسية والتركيز على الجانب الشخصي يُعتبر من الاستراتيجيات الأكثر فعالية. وغالباً ما يُستخدم هذا الأسلوب من قبل السياسيين الذين يشعرون بعدم الأمان المحدق بمواقعهم. لقد استحضر كل من حواس ولهنر موقعهما الأكاديمي المقدّس وفرضا سلطتهما بالقوة.
بعد فترة قصيرة من نشوب هذا الجدل، تم دعوة كل من "سكوتش" و"حواس" و"لهنر" إلى إقامة مناظرة فكرية في الجمعية الأمريكية للعلوم المتقدمة. لكن لم يُسمح لـ"وست" المشاركة في هذه المناظرة لأنه مجرّد من المؤهلات الأكاديمية المطلوبة. 
أي أن "وست" الذي كان ملماً جداً في علم الآثار المصرية لدرجة أن خبرته تفوق خبرة الكثير من الأكاديميين المتخصصين، مُنع من حضور المناظرة لأنه لا يحوز على شهادة أكاديمية!
هذا الأمر يشير إلى ادعاء واهي يُعتبر من الأسلحة الفتاكة في ترسانة المجتمع العلمي الرسمي: "... فقط العُلماء الحاصلين على شهادات أكاديمية يستطيعون ممارسة العلم...". وهذا يجعل عقبتان كبيرتان تمنعان مشاركة الباحث المستقل أكاديمياً (غير حائز على شهادات جامعية) ممارسة عمله بشكل رسمي: 

1- الأهلية العلمية، 
2- تقييم العلماء لعمله.
العلماء المنهجيين لا يتناولن أي عمل علمي بجدية إلا إذا كان صاحب العمل "مؤهلاً علمياً" أي حائز على شهادات أكاديمية. أي لا يستطيع العملي العلمي أن يساهم رسمياً في إغناء المعرفة الإنسانية إلا إذا تجاوز المرحلة [2]، ولا يستطيع الوصول إلى هذه المرحلة قبل تجاوزه المرحلة [1].

جميعنا نسينا حقيقة مهمة جداً وهي أن العلــم Science يمكن اكتسابه وممارسته وتطبيقه من قبل الجميع. فالأمر لا يتطلّب شهادات جامعية من أجل دراسة وتسجيل الحقائق وتحليلها وانتقادها، خاصة إذا تعلق الأمر بالعلوم الاجتماعية (غير التقنية). في المجتمعات الحرّة والمنفتحة، وجب أن يمثّل العلم عملية ديمقراطية حقيقية.
في جميع الأحوال، تم إقصاء "وست" من ساحة الجدل تماماً. ولازالت عناصر الجدل في حالة أخذ وردّ منذ حينها دون التوصّل إلى نتيجة نهائية. هذا الخلاف مشابه للخلاف القديم حول الهوية الحقيقية لبناة أهرامات الجيزة وكيف.هذا يعيدنا إلى مسألة "الأكذوبة الكبرى" والطريقة التي يتم تسويقها عبر أجيال عديدة، أمام الله وأمام الجميع دون خجل أو وجل. والجدل حول طريق بناء الأهرامات يُعد أحد الأمثلة المهمة. لو كان العلماء المنهجيين صادقين فعلاً وأرادوا وضع حد حاسم ونهائي لهذا الجدل القديم، يمكنهم بكل بساطة ترتيب تجربة عملية يجريها مهندسين حياديين، وترك الأمر لهم ليصادقوا أو يستبعدوا إدعاءات العلم المنهجي بأن الأهرامات قد بُنيت بواسطة أدوات بدائية ووسائل متوفرة في تلك الأيام شبه الهمجية (أي 2500 ق.م، وهو التاريخ الذي يدعونه). لماذا لم يفعلوا ذلك؟

الجواب بسيط وواضح جداً، إنه مستحيل! وهم يعرفون في قرارة أنفسهم أن نظريتهم زائفة وليس لها علاقة بالواقع. هل يمكن لعالِم محترف ومثقف أن يصدّق أن 2.3 مليون طن من الحجارة، وبعض هذه الحجارة يزن 70 طن، تم نقلها ورفعها بواسطة وسائل بدائية؟ رغم أن هذا الأمر يبدو واضحاً بأنه مستحيل، إلا أنهم لا يترددون في الكذب على الناس، وتأليف الكتب الفاخرة واسعة الانتشار، والدفاع عن نظريتهم بشراسة ضد أي نظرية بديلة، وتعليمها في المدارس للأجيال الناشئة.خلال الممارسة المستقيمة للعلم الحقيقي، من الضروري بالنسبة لكل عالِم أن يلتزم بإثبات فرضيته بشكل منطقي من أجل أن تُقبلها أكاديمياً وعلمياً. لكن في الحقيقة، لازال علماء الآثار المصرية الذين يدعون استخدام الوسائل البدائية لبناء أهرام الجيزة معفون من أي التزام بضرورة إثبات فرضيتهم الوهمية. وبدلاً من ذلك، كل ما فعلوه، ولازالوا، هو التهجّم على النظريات البديلة وقمعها، مستخدمين تكتيكات وأساليب غير نزيهة وليس لها علاقة بالعلم إطلاقاً

لماذا يجاهد هؤلاء العلماء في إخفاء الحقيقة وتجنّب أي اختبار تجريبي يثبت فرضيتهم؟ في الحقيقة، إن دوافعهم واضحة وجلية. إذا أُثبت بأن المصريين القدامى لم يبنوا الهرم الأكبر في العام 2500 ق.م مستخدمين وسائل بدائية، وأن تاريخ أبو الهول يعود لأكثر من 9000 ق.م، فسوف تتساقط أحجار الدومينو، الواحد تلو الآخر! سوف ينهار كل شيء! فالنظرة التقليدية لتطوّر الحضارات تستند أساساً على تأريخ الحضارات التي انبثقت من سومر حوالي 4000 ق.م. وهذه النظرة الرسمية لنشوء الحضارات الأولية لا تسمح بوجود حضارات متطورة تسبق ذلك التاريخ.

هذا كل ما في الأمر. علم التاريخ وعلم الآثار سيتجردان من أي معنى دون وجود خط زمني ثابت تستند عليه كمرجع عام يلتزم به الجميع.
ومن ناحية أخرى، بما أن "تطوّر الحضارات" مربوط بشكل وثيق مع نظرية داروين العامة لتطور الأجناس، فهذا أيضاً يمثل مشكلة كبيرة. هل هذا يفسّر السبب الذي جعل الكثير من الحقائق والغرائب الأثرية تتعرّض للقمع والتجاهل والرفض؟ الجواب هو نعم. تذكّر أنه ليس فقط علم التاريخ والآثار مربوط بنظرية داروين ويستند عليها بشكل أساسي، بل كافة العلوم البيولوجية أيضاً!

يتبع بإذن الله ...

0 التعليقات:

إرسال تعليق