تاريخنا المزور (الجزء العاشر)




تاريخنا المزور

(الجزء العاشر)

بسم الله الرحمن الرحيم

جميع الآثار القديمة حول العالم تتحدث عن قصة مخالفة لما نتعلمه الآن. جميعها تقول بأنه في فترة ما قبل 5000 عام (حيث كان من المفروض أن أسلافنا يقطنون الكهوف ويعيشون في مستوطنات بدائية) سادت ثقافة متقدمة ذات مستوى عال في كل أرجاء العالم، من سيبيريا إلى القطب المتجمد الجنوبي ومن غرينلندا إلى إفريقيا. لقد زال هذا العالم الخارق بشكل كامل لدرجة أننا اعتقدنا بأنه لم يكن موجود أساساً. لكن الغريب في الأمر هو أن رغم الإزالة الكاملة لهذه الحضارات، إلا أن آلاف الأجزاء والقطع قد نجت من هذا الزوال. مثل السجلات المكتوبة والموروثات الشعبية، والأساطير والملاحم الأدبية والآثار المادية والملموسة. جميعها تشير إلى هذا العالم الغامض العجيب المذهل والسحيق في القدم.

4- بعد دمار المدن جاء الإنسان الحجري؟! ارتفع عامود متوهّج من اللهب والدخان كآلاف الشموس الساطعة بكلّ بهاء. كان الناس جامدون يراقبون الغيوم الحمراء اللون مندفعة بقوّة نحو الأرض. وبدأت الرياح العنيفة تهبّ بسرعة هائلة. قرب المدن، راقب المشاهدون بشرود وانبهار.. آلاف الجثث احترقت وأصبحت رماداً.... وخلال ساعات قليلة، فسدت جميع المأكولات... وسرعان ما انتشر شبح الخوف من الأمراض الإشعاعية... لم نر من قبل سلاحاً مريعاً كهذا، ولم نسمع من قبل عن هكذا سلاح.."!استخلصت هذه الرواية من مخطوطات قديمة جداً، وثيقة لا يمكن لها أن تكون موجودة... لكنّها موجودة بالفعل. هذه التفاصيل استُخلصت من صفحات تغير لونها مع الزمن، تصوّر لنا الإرهاب الذي عاناه الناجون من تلك الكارثة النووية. جاء الدمار الكامل لمراكز الحضارات الراقية (نتيجة حرب ذرية في الألفية الثالثة قبل الميلاد) بسرعة وبدون سابق إنذار. لم يترك هذا الحدث وقتاً لإنقاذ أي شيء سوى الأساسيات.
شرع الناجون من هذه الكارثة في بدئ حياة جديدة في الغابات والجبال التي لم يطلها الإشعاع الذري والدمار. وبعد أن حرموا من الصناعة المتقدمة جداً التي كانت تؤمن جميع متطلباتهم اليومية، أجبروا على العودة إلى صنع مستلزماتهم الأساسية بأنفسهم. وفي طبيعة الحال، عادوا إلى البداية... حيث تأمين احتياجاتهم الغذائية عن طريق الزراعة... وكانت بدائية بكل المقاييس. مع أنّ أفرادها كانوا ذوي مهارات وخبرات عالية (مهندسين وأطباء وخبراء من جميع الاختصاصات)، لكن لم يكن هناك ما يكفي منهم لإنشاء حضارة بتلك السرعة... خاصة في تلك الظروف الرهيبة من الحرمان والفوضى وطريقة حياة قاسية كانوا مجبورين على مواجهتها. فكل حضارة تتطلب كثافة سكانية معيّنة، ومنظّمة وآمنة، وذلك لم يعد متوفراً، لذلك أجبروا على حياة بدائية والهدف الوحيد كان الحصول على الأساسيات التي تمكنهم من البقاء على قيد الحياة.حدث ذلك في جميع أنحاء العالم وفي الوقت نفسه، جميع المراكز الزراعية الأساسية في العالم ظهرت فجأة في نفس الفترة، وفي أماكن مختلفة من العالم (فليتفضّل المؤرخون لشرح ذلك؟). ظهرت هذه المراكز الزراعية الجديدة في شمال شرق الصين، جنوب شرق آسيا، شمال شرق المكسيك، البيرو وفنزويلا. وأضيف إلى ذلك، جميعها ظهرت متاخمة لمناطق قد دمّرت من خلال محارق نارية هائلة (حرب نووية)... (مثل: المراكز الحضارية في الهند وصحراء غوبي وأنقاض وادي الموت في كاليفورنيا والوجه المنصهر لساكسايهومان في أمريكا الوسطى والحطام المنصهرة المحولة إلى زجاج في الغابة البرازيلية).
سكان الكهوف ..

الانسان الذي يقولون عنه بدائي وسكن الكهوف هم في الحقيقة جماعات ناجية من كارثة انسانية حدثت على الارض
هل تعلم أن علماء الآثار أعادوا النظر مؤخراً حول جميع الحقائق المتعلقة بسكان الكهوف الأوائل، حيث لم يجدوا شيئاً يشير إلى إنسان متوحّش، بل وجدوا إنسان متمدّن جداً؟! هذا ما توصل إليه المؤتمر الأخير لعلماء الأنثروبولوجيا (علم الإنسان). لكن هل يمكن لهذه النتيجة أن تنشر وتدرّس رسمياً؟.. لا أعتقد ذلك.والآن، دعونا نتعلم شيئاً عن رجل الكهف هذا، حيث هناك إثباتات كثيرة تشير إلى سلوكه المتحضّر. ففي لازاريتو جروتوس Lazzaretto Grottoes بالقرب من نيس في فرنسا، حيث وجدت في إحدى الكهوف قطعة عظمية تعود لغزال صغير، هي عبارة عن مقبض مصنوع بمهارة كبيرة، إنّها موس حلاقة تعود إلى ما قبل التّاريخ! هذا دليل على أناس يدركون خلفيتهم المتحضّرة جيداً، ومجبرين على استخدام كلّ مهاراتهم التّقنية المتقدمة في بيئة بدائية ومتوحّشة. أناس كانوا في فترة من الفترات على اتصال بأشخاص آخرين متحضرين، ولكنهّم بعد ذلك أصبحوا مقيّدين ومجبرين على استخدام المعدّات الأوّلية من أجل البقاء.القصّة هي نفسها على الجانب الآخر من العالم. ففي جبال سوبيس Subis Mountains في غرب بورنيو، تمّ الكشف عن شبكة من ألمُغر تحتوي على كهوفاً ضخمة ومبنيّة على شكل صالات واسعة مزيّنة بمنتهى الجمال والدقّة. هذا دليل إضافيّ على الخلفيّة الحضاريّة. لاحظ تشارلز بيرليتزCharles Berlitz أنّ كثيراً من التّحف والمصنوعات الموجودة هناك توحي باهتمام إنسان الكهف بالمراسم والفن والزّخارف، "كما لو أنّهم كانوا يحاولون مزج الفنّ الراقي الذي كان مألوفاً لديهم سابقاً بتقنية تناسب حالتهم الحالية حيث الصراع للبقاء". ما الذي يثبت حقيقة أن إنسان الكهف لم يكن عبارة عن كائن متوحش يتقدم تدريجياً في عملية التطوّر؟... الجواب هو: "لقد أخبرونا بأنفسهم"... وهذا ما يمكن استخلاصه من فنونهم. فهي تشير إلى أنّ خلفيتهم كانت بنفس المستوى المتقدم الذي تتصف به خلفيتنا الحضارية اليوم.نوعيّة الفن التي استخدمها إنسان الكهف الأوّل
هناك ستة نقاط وجب ملاحظتها:

1- رسومات الحيوانات على الصّخور في الكهوف في ألتاميرا Altamiraلاسكوس Lascauxريباداسيلا Ribadasella ، وغيرها هي عبارة عن روائع فنّية مهما كانت الفترة الزمنيّة. الواقعية والجمال لهذه الرّسومات تكشف عن موهبة فنيّة متطوّرة هي أرقى بكثير من رسومات الحيوانات في مصر، بابل، واليونان.
2- تعتبر الرّسومات في كهف ألتاميرا (بالقرب من سان تاندر، إسبانيا) من النّاحية الجمالية، هي بنفس جودة الرّسومات الحديثة.
3- تشهد الرّسومات في كلّ من الجزائر، وليبيا، ولاسكوس على الحضارة المتقدّمة التي استخدمت الرّسم المنظوريّ والشّكل الحر، وهذا يعتبر فنّ متطوّر جداً. فالرّسم المنظوريّ لم يستخدم حتى القرن الخامس عشر الميلادي.
4- واتّبعت رسومات الكهوف طريقة منظّمة في التّرتيب الرّمزي، بحيث هي منتشرة في كافة أرجاء أوربا الغربية؟ كانت الكهوف المزخرفة تقسّم تبعاً لما يبدو أنها أنظمة ميتافيزيقية لازلنا نجهلها.
5- ليس هذا فحسب، بل إنّ رّسومات الكهوف- بالنّسبة لمواضيعها- لها نمط موحّد شائع في جميع أنحاء العالم. وكأنّها جاءت من مدرسة واحدة.
6- الكهوف الرّائعة في مونتيناك، في لاسكوس Montignac-Lascaux والتي أُقفلت الآن أمام العموم، سمّيت بـ "سيستين شابل" لعصور ما قبل التّاريخ Sistine Chapel of prehistory بسبب جمال رسوماتها. (سيستين شابل هي القاعة الرئيسية في الفاتيكان ومرسوم على سقفها لوحة مايكل أنجيلو المشهورة).استخدم فنانو الكهوف المؤثّرات ثلاثيّة الأبعاد باستخدام الأشكال الطّبيعية للصّخور. ما فعلوه هو: الثّغور الصّغيرة أصبحت عيون ثور البيسون الغاضبة، الشّقوق أو الصّدوع أصبحت جروح غزال مصاب. النّتوءات غريبة الشّكل أدمجت في رسومات كالرّأس أو الحدبة. فحتى اليوم، تستخدم تناقضات الضّوء والظّلال وتوزع على أشكال الصّخور الطبيعية، فتظهر الحيوانات على أنّها حيّة وتتنفّس. هنا تكمن تّقنية وتّأثيرات راقية في تاريخ الفنّ. لقد كان سكان الكهوف في مستويات لم يصلها الإنسان العصري سوى مؤخراً! وهناك أمر واحد مؤكّد عن إنسان الكهف. كانت ثقافته الفنيّة أكثر تطوّراً من سكّان الرّيف الأوروبيّ اليوم.

أشار روبير تشاروRobert Charroux إلى أنّ تصنيع أقلام من أكسيد الحديد أو المنغنيز المستخدم في الرّسم يتطلّب تقنية معقّدة ومتطوّرة. وهذا يجعلنا نستنتج السؤال التالي: هل تعتقد أنّ هؤلاء الناس كانوا أغبياء عاجزين عن تركيب حجرين فوق بعضهما لبناء حائط؟!كانت ثقافتهم الفنيّة أكثر تطوّراً بالمقارنة مع مستواهم الفكري الذي وصفه العلم الرسمي
يبدو هذا غريباً، أليس كذلك؟
ولكن لاحظوا الحقائق التالية:
1- لم يعش فنانو لاسكوس في كهوفهم ولكنّهم حوّلوها إلى معارض للفنون. هل تعلمون كيف تمكّنوا من رسم هذه الصّور على ارتفاع 12 قدماً عن الأرض؟.. الجواب هو أنّهم استخدموا منصّة، والفتحات في الصخور، حيث وضعوا العوارض من أجل تثبيت الأخشاب، وهي ما تزال هناك. والآن، إنّ المنصّة لا يمكن أن تسبق معرفة البناء، إنّها تنتج عن تطوّر صناعة البناء. ولذلك يمكننا الجزم هنا بأنّ إنسان الكهف عرف كيف يبني المنازل.
2- وماذا نفعل بشأن فرن من العصر الحجريّ عثر عليه في نوايّيل، في فرنسا؟! كان مبنياً من حجارة على شكل طوب ومثبّت بالإسمنت.
3- في تشارو Charrouxوالتي تعتبر مركزاً كبيراً لمعدّات ما قبل التّاريخ، يمكنك حتى الآن إيجاد فؤوس حجريّة، هناك كهوف عمقها 3 أميال، ولم تجد الحفريّات الأثرية أي دليل على أنّها كانت مسكونة من قبل.
4- في تشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافيا، اكتشفت منازل تعود إلى العصر الحجريّ. تكشف عن تقنيات بناء معقّدة وإلمام كبير في مجال الرّياضيّات والهندسة.

إذاً، يمكننا استنتاج أنّ إنسان الكهف لم يعش في الكهوف (ما عدا في حالات نادرة كما هي ظاهرة اليوم). معظم مواقع الأدوات الحجريّة (وتشمل الموقع الأكبر في العالم وهو على مساحة 10 آلاف هكتار) لم تكن بمكان قرب الكهوف. لقد عاش إنسان الكهف في منازل...

يتبع بإذن الله...

0 التعليقات:

إرسال تعليق